السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهما أجمل تلك اللحظة التي تتيح لك الفرصة لكي تمنح القلب فرصة لكي يتذوقمعالم الأنس بالله، وليتجول في رياض النعيم في القرب من الرحمن الرحيم،وذلك عبر "الصلاة".
إن الصلاة ليست مجرد قيام وركوع وسجود وجلوس وتسليم، بل إن وراءها أسرار، وفي داخلها أخبار، وبين التكبير والتسليم أذواق ونعيم.
وحينما تتجه ببدنك إلى موضع رؤيته لك وسمعه لك وأنت تقول: الله أكبر،نعم.. هو أكبر من كل شيء، ومناجاته هي أجمل شيء، ثم تبدأ الاستفتاح ثمالفاتحة وإذا بالاتصال يبدأ.
وذلك كما جاء في الحديث القدسي:
( إذا قال العبد: " الحمد لله رب العالمين " قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذاقال: " الرحمن الرحيم " قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: " مالكيوم الدين " قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: " إياك نعبد وإياك نستعين "قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: " اهدنا الصراطالمستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال:هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) رواه مسلم.وجاء دور الركوع لينحني الظهر خضوعاً للواحد الأحد، ومع هذا الانحناء الرائع ينحني القلب ذليلاًَ خاشعاً، فما أجمله من ركوع.
وأما السجود فلا تسأل عن كنوزه، ولا تسأل عن عجائبه، نعم.. حين تسجد علىالأرض وتضع جبهتك ملتصقة بهذه الأرض، حينها تكون قريباً من مالك السماواتوالأرض
(( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ))[العلق:19].
وفي الصحيح: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء ) صحيح مسلم [ 744 ].فما أحلى السجود؛ لأنه دليل العبودية وطريق الافتقار، وعنوان الانكسار للعزيز الغفار.
ولقد كان السلف يعظمون شأن السجود ويعشقونه، قال أحدهم:
والله ما آسى على شيء إلا على السجود.
وهذا أحدهم كان يسجد حتى يظن الناس أنه ميت من طول السجود. فعجباً لهم ماذا وجدوا؟!.
إن السجود هو رحلة القلوب إلى علام الغيوب، حينما يستشعر ذلك العبد وهو على الأرض أن إلهه ومعبوده هو الله الذي هو العلي الأعلى.
وفي السجود دمعات وكلمات وعبارات وعبرات لا يعرف كنهها إلا من ذاقها.
وفي السجود ترفع الحاجات وتنطلق الاعترافات لعلها تحظى بلطف الرب ورحماته.
ومن مشاهد الصلاة: الدعاء بالمغفرة، وهو مشروع في الركوع والسجود وبينالسجدتين كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول وهو راكع وساجد:
"سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" وكان بين السجدتين يقول:
"رب اغفر لي.. رب اغفر لي".وهذا الدعاء في أثناء الصلاة يوحي لك بأنك بحاجة إلى المغفرة حتى وأنت فيأشرف حالات الصلاة، وأنك لا زلت مقصراً ومذنباً، وتحتاج إلى أن يدخلك اللهفي واسع مغفرته
((إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ))[النجم:32]
ومن المشاهد: مشهد المراقبة، والمعنى أنك وأنت تصلي موقن باطلاع اللهعليك، وعليم بأسرار قلبك وخفاياه، فيا فوز من رأى الله في قلبه "الخشوعوالخضوع".
إنه الإحسان "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
ومن وصل لهذه الحال فهو في عالم آخر، وفي حال من السرور واللذة لا تخطرعلى بال؛ ومنها: مشهد الحزن.. وهو في لحظة الانتهاء من الصلاة.
اللهم اجعل صلاتنا راحة لنا وطمأنينة لقلوبنا وزدنا قرباً منك يا رب العالمين.
ومضة: سئل النبي عليه الصلاة والسلام:
( أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها ) رواه البخاري.