بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن التصديق بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان,بأن الله تعالى عالم بكل صغيرة وكبيرة جملة وتفصيلاّ ,قال تعالى( قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )وقال تعالى ( يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور ِ)الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء,قال تعالى ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة )وأنه لا يكون شيء في السموات ولا في الأرض إلا بإرادة الله ومشيئته الدائرة بين الرحمة والحكمة يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته ,قال تعالى ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ )الإيمان بالقدر أن الله بكل شيء عليم , وأن علمه محيط بالحوادث ,وأنه كتب ذلك باللوح المحفوظ , وأن جميعها واقعة بمشيئته وقدرته,والعباد فاعلون حقيقة ,والله خالق أفعالهم , والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم ، وللعباد قدرة على أعمالهم ، ولهم إرادة والله خالق قدرتهم وإرادتهم ، كما قال تعالى ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ,وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )وأن الله تعالى هو الفعال لما يريد ولا يكون شيء إلا بإرادته , ولا يخرج شيء عن مشيئته , وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره , ولا يصدر إلا عن تدبيره , ولا محيد عن القدر المقدور , ولا يتجاوز ما خُط في اللوح المسطور, خلق الخلق وأفعالهم , وقدر أرزاقهم وآجالهم ,يهدي من يشاء برحمته , ويضل من يشاء بحكمته , قال تعالى( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)
وأن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما الإيمان, قال( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) فقال جبريل ,صدقت ,وقال النبي صلى الله عليه وسلم( آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره ) ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ,( وقني شر ما قضيت ) ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه
بأن جميع الأشياء كلها,بقضاء وقدر,لا تخرج عن مشيئة الله وإرادته,بل ,ما شاء الله كان,وما لم يشأ لم يكن
أن أفعال العباد ,من الطاعات ,والمعاصي ,وغيرها,واقعة بإرادتهم وقدرتهم ,وأنهم لم يجبروا عليها ,بل هم الذين فعلوها بما خلق الله لهم,من القدرة, والإرادة
,فالحوادث كلها, التي من جملتها أفعال العباد, بمشيئة الله وإرادته ,والعباد هم الفاعلون لأفعالهم , المختارون لها ,فهم الذين اختاروا فعل الخيرات وفعلوها , واختاروا ترك المعاصي فتركوها . والآخرون اختاروا فعل المعاصي وفعلوها , واختاروا ترك الأوامر فتركوها, فاستحق الأولون المدح والثواب,واستحق الآخرون الذم والعقاب, والله قد حذركم , وهيأ لكم كل سبب يصرف عن معاصيه,وأراكم سبيل الرشد فتركتموه ,وسبيل الغي فسلكتموه, فالله تعالى خالق أفعال العباد , والعباد هم الفاعلون لها حقيقة ,لا يقع شيء في السموات والأرض إلا بمشيئته تعالى ، وأما الأمور التي تقع على العبد أو منه بغير اختياره كالمرض والموت والحوادث فهي بمحض القدر وليس للعبد اختيار فيها ولا إرادة ,والإنسان مخير إن شاء آمن وإن شاء كفر , فليس أحدٌ أجبر الكافر على أن يكفر وليس أحدٌ أجبر المؤمن على أن يؤمن بل الكافر كفر باختياره والمؤمن آمن باختياره كما أن الإنسان يخرج من بيته باختياره ويرجع إليه باختياره,وكما أن الإنسان يسافر باختياره إلى مكة أو إلى المدينة أو ما أشبه ذلك, وهناك أشياء لا يمكن أن تكون باختيار الإنسان كحوادث تحدث للإنسان من انقلاب سيارة أو صدم أو سقوط بيتٍ عليه أو احتراق أو ما أشبه هذا هذا لا شك أن لا اختيار للإنسان فيه بل هو قضاءٌ وقدر ممن له الأمر ولهذا عاقب الله سبحانه وتعالى الكافرين على كفرهم لأنهم كفروا باختيارهم,
ولما حدث النبي صلى الله عليه وسلم, أصحابه بأنه ( ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار )فأمر بالعمل والعمل اختياري وليس اضطرارياً ولا إجبارياً فإذا كان يقول ,عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكلٌ ميسر لما خلق له ) نقول للإنسان اعمل صالحاّ حتى يتبين أنك ميسر لعمل أهل السعادة,
إن الله تعالى ,حكم عدل,حكيم لا يظلم مثقال ذرة، جواد كريم يضاعف الحسنات ويعفو عن السيئات